أسباب اختلاف لون العينين

أسباب اختلاف لون العيون لدى البشر

يعد لون العين أحد السمات الجسدية التي تلفت الانتباه، حيث يختلف بشكل ملحوظ بين الأشخاص، حتى داخل نفس العائلة. من الطبيعي أن نتساءل عن الأسباب التي تقف وراء هذا التنوع الرائع في لون العيون. يتنوع هذا اللون من العينين بين البني، الأزرق، الأخضر، الرمادي، والعسلي، وقد تتداخل بعض هذه الألوان لتنتج درجات متعددة من اللون. فكيف يتم تحديد هذا اللون؟ وما هي العوامل الوراثية، البيئية، والفسيولوجية التي تؤثر عليه؟ في هذا المقال، سنتناول الأسباب الرئيسية لاختلاف لون العيون لدى البشر، بدءًا من الجينات إلى العوامل البيئية التي قد تساهم في هذا التعدد.

1. العوامل الوراثية

اللون الأساسي للعيون هو نتيجة لمجموعة معقدة من الجينات التي ترثها من آبائهم. تعتبر الجينات المسؤولة عن لون العينين موجودة في الكروموسومات، حيث تحدد التركيبة الجينية نوع الصبغات التي تتكون في القزحية. يتأثر لون العينين بنوعين من الصبغات الرئيسة هما الميلانين والإيوميلاين، بالإضافة إلى التركيب البنائي للقزحية.

1.1. الجينات المتحكمة في لون العين

أهم الجينات المسؤولة عن لون العينين هو جين OCA2، الذي يقع على الكروموسوم 15. يتحكم هذا الجين في إنتاج الميلانين، وهو الصبغة التي تعطي لون العينين، الجلد، والشعر. زيادة الميلانين في القزحية تعني أن العين ستكون بنية أو داكنة اللون، بينما قلة الميلانين تؤدي إلى عينين زرقاوين أو خضراوين. هناك أيضًا جين آخر يُسمى HERC2 والذي يتحكم في كيفية عمل جين OCA2 وبالتالي يؤثر في كمية الميلانين المنتجة في العين.

1.2. الوراثة المتنحية والسائدة

من الناحية الوراثية، يعتبر لون العين سمة معقدة متعددة الجينات. تاريخياً، كان يعتقد أن لون العينين يُورث بطريقة بسيطة، حيث كان يُعتقد أن اللون البني هو السائد والأزرق هو المتنحي. لكن في الواقع، فإن الجينات المسؤولة عن لون العين تتداخل بطريقة تجعل من الصعب التنبؤ باللون بدقة بناءً على تاريخ العائلة.

2. توزيع الميلانين في القزحية

توجد في العينين صبغة الميلانين التي تترسب في القزحية. تعتبر القزحية هي الجزء الملون في العين الذي يحيط بالبؤبؤ. كمية الميلانين التي تحتوي عليها القزحية هي التي تحدد اللون النهائي للعين. قزحية العين التي تحتوي على مستويات عالية من الميلانين ستكون بنية داكنة، في حين أن العين التي تحتوي على مستويات منخفضة من الميلانين تكون غالبًا زرقاء أو خضراء.

2.1. التوزيع غير المتساوي

في بعض الحالات، قد يكون توزيع الميلانين في العين غير متساوٍ. على سبيل المثال، قد تحتوي عين واحدة على كمية أكبر من الميلانين مقارنة بالأخرى، مما يؤدي إلى وجود عيون بلونين مختلفين، وهي حالة تعرف بـ “التهجين الثنائي” أو “العيون المتعددة الألوان”.

3. العوامل البيئية وتأثيرها على لون العين

بينما يعد العامل الوراثي هو الأكثر تأثيرًا في تحديد لون العين، إلا أن بعض العوامل البيئية يمكن أن تؤثر أيضًا على كيفية ظهور هذا اللون. فقد أظهرت بعض الدراسات أن العوامل مثل درجة الحرارة والضوء يمكن أن تساهم في تغييرات في لون العين.

3.1. تأثير الضوء

قد يلاحظ الأشخاص الذين لديهم عيون فاتحة اللون أن لون عيونهم يتغير قليلاً حسب ظروف الإضاءة. على سبيل المثال، قد تظهر العيون الزرقاء أو الرمادية داكنة أكثر في الضوء الساطع، بينما تصبح أكثر إشراقًا في الظلام أو الإضاءة المنخفضة. أما الأشخاص الذين لديهم عيون داكنة، فإن التغيرات في اللون تكون أقل وضوحًا في مختلف الظروف.

3.2. تأثير الصحة

الحالات الصحية المختلفة يمكن أن تؤثر على لون العينين. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي بعض الأمراض إلى تغييرات في لون العين، مثل مرض ويلسون (الذي يؤدي إلى تراكم النحاس في الجسم) الذي يمكن أن يجعل العينين تظهران بلون بني ذهبي. كما أن بعض الأدوية قد تؤثر على إنتاج الميلانين أو على كيفية توزيعه في القزحية.

4. العوامل الفسيولوجية

إلى جانب الوراثة، هناك بعض العوامل الفسيولوجية التي قد تؤثر في لون العينين. قد تتغير لون العين مع التقدم في السن، حيث تزداد مستويات الميلانين في العين مع مرور الوقت مما يؤدي إلى تحول لون العين من الفاتح إلى الداكن في بعض الحالات.

4.1. التغيرات مع العمر

العديد من الأطفال يولدون بعيون فاتحة اللون، إلا أن لون عيونهم قد يتغير تدريجياً مع مرور الوقت بسبب زيادة إنتاج الميلانين. في بعض الحالات، يمكن أن يتحول لون العينين الزرقاء إلى اللون الأخضر أو البني عندما يزيد مستوى الميلانين في العين.

4.2. التغيرات الناتجة عن الإصابة

إذا تعرضت العين لإصابة أو التهاب، قد يحدث تغير مؤقت في لون العين. بعض الإصابات قد تؤدي إلى زيادة الميلانين في القزحية مما يجعل العين تظهر بلون داكن.

5. أثر التنوع العرقي على لون العينين

يُعتبر التنوع العرقي أحد العوامل المهمة التي تؤثر على لون العينين. فالشعوب ذات الأصول الأوروبية غالباً ما يكون لديهم عيون فاتحة اللون، بينما يكون الأشخاص ذوي الأصول الأفريقية أو الآسيوية عادةً ذوي عيون داكنة.

5.1. العين البنية

تعد العين البنية أكثر الألوان شيوعًا في العالم، ويعود ذلك إلى وجود مستويات عالية من الميلانين. تكون العين البنية هي السمة الغالبة في المناطق الاستوائية حيث يساهم الميلانين في حماية العين من الأضرار الناتجة عن التعرض المستمر لأشعة الشمس.

5.2. العين الزرقاء

تعتبر العين الزرقاء من السمات النادرة التي توجد بشكل رئيسي في الأشخاص ذوي الأصول الأوروبية. يتسبب انخفاض مستوى الميلانين في القزحية في ظهور العينين باللون الأزرق، وهو يحدث بسبب تشتت الضوء في القزحية عندما يكون الميلانين قليلًا.

6. الفرضيات حول لون العين في المستقبل

من المعروف أن لون العينين هو سمة وراثية، ولكن مع تطور العلم والتكنولوجيا، قد تصبح هناك طرق لتعديل هذا اللون أو التأثير فيه بطرق غير تقليدية. على سبيل المثال، قد تساعد الأبحاث في مجال الهندسة الوراثية في تعديل الجينات المسؤولة عن لون العينين، مما يمكن أن يؤدي إلى ظهور ألوان جديدة أو تعديل اللون الحالي للعينين.

7. الختام

يبقى لون العينين أحد العناصر التي تميز كل فرد وتجعله فريدًا. يعتبر التنوع الكبير في الألوان التي يمكن أن تكون عليها العينين في البشر نتيجة لتفاعل معقد بين الجينات، العوامل البيئية، والتغيرات الفسيولوجية. وبينما تظل هذه الألوان نتيجة للوراثة في المقام الأول، إلا أن التأثيرات البيئية والصحية قد تساهم أيضًا في ظهور الألوان المختلفة.